* الالتفات في الصلاة
لا يجوز للمصلى أن يلتفت في صلاته ؛ لأن الله عز وجل ينصب وجهه لوجه عبده حين يصلى له فإذا التفت العبد ، صرف الله عنه وجهه.
عن الحارث الأشعرى أن النبي حدّثه أن الله عز وجل أمر يحي بن زكريا بخمس كلمات يعمل بهن ويأمر بنى إسرائيل أن يعملوا بهن، فوعظ الناس ثم قال: إن الله أمركم بالصلاة فإذا نصبتم وجوهكم فلا تلتفتوا فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده حين يصلى له ، فلا يصرف عنه وجهه حتى يكون العبد هو ينصرف " (1) .
وعن عائشة رضى الله عنها قالت: سألت رسول الله عن الالتفات في "الصلاة " فقال: " هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد " (2) .
قال الحافظ ابن حجر: قوله " هو اختلاس " ، أي اختطاف بسرعة، فلما كان الشيطان قد يشغل المصلى عن صلاته بالالتفات إلى شئ ما بغير حجه يقيمها أشبه المختلس ، وقال ابن بزيزة: أضيف إلى الشيطان لأن فيه انقطاعاً من ملاحظة التوجه إلى الحق سبحانه.
وقال الطيبي : سمى اختلاساً تصويراً لقبح تلك الفعلة بالمختلس ، لأن المصلي يقبل عليه الرب سبحانه وتعالى ، والشيطان مرتصد له ينتظر فوات ذلك عليه ، فإذا التفت اغتنم الشيطان الفرصة فسلبه تلك الحالة (3)
والالتفات المنهي عنه هو الذي يستدير فيه المصلى بوجهه وصدره أو يلوى عنقه كله ، وأما إذا التفت المصلى من غير أن يلوى عنقه لكي يلحظ شيئاً في الصلاة أو يتفل عن يساره لطرد الشيطان فلا بأس بذلك . وعلى ذلك تحمل الأحاديث التى فيها أن النبي التفت إلى أصحابه كحديث جابر قال: اشتكى رسول الله فصلينا وراءه وهو قاعد ، وأبو بكر يكبر ، فيسمع الناس تكبيره ، قال: فالتفت إلينا فرآنا قياماً فأشار إلينا فقعدنا ، فلما سلم قال: إن كدتم آنفاً تفعلون فعل فارس والروم ، يقومون على ملوكهم وهم قعود ، فلا تفعلوا ائتموا بأئمتكم ، إن صلى الإمام قائماً فصلوا قياماً وإن صلى قاعداً فصلوا قعوداً " (1) وكحديث ابن عباس قال: كان رسول الله يلتفت في صلاته يميناً وشمالاً ، ولا يلوى عنقه خلف ظهره (2) .
قال ابن خزيمة: قوله يلتفت في صلاته : يعنى يلحظ بعينه يميناً وشمالاً (3) .
وعلى هذا أيضاً يحمل حديث معاوية بن الحكم السلمى قال: بينما أنا أصلى مع رسول الله إذ عطس رجل من القوم. فقلت: يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت: واثكل أميَّاه ما شأنكم ؟ تنظرون إلى. فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني لكنى سكت ، فلما صلى رسول الله فبأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه ، فو الله ما كهرنى ولا ضربني ولا شتمني. قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شىء من كلام الناس ، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن" (1).