* التهاون بجلسة الاستراحة
كان من هدى النبى إذا قام إلى الركعة الثانية أو الرابعة أن يجلس قليلاً ، وهذا الجلوس يعرف عند الفقهاء بجلسة الاستراحة .
عن مالك بن الحويرث أنه رأى النبى يصلى ، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوى قاعداً "(4) .
وعن أبى قلابة قال: جاءنا مالك بن الحويرث فصلى بنا فى مسجدنا هذا فقال: إني لأصلى بكم وما أريد صلاة ، ولكن أريد أن أريكم كيف رأيت النبى يصلى .
قال أبو قلابة : وكان إذا رفع رأسه عن السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرض ثم قام " (5) .
وعن محمد بن عمرو عطاء عن أبى حميد الساعدى قال: سمعته وهو في عشرة من أصحاب النبى أحدهم أبو قتادة بن ربعي- يقول:أنا أعلمكم بصلاة النبى قالوا: ما كنت أقدمنا له صحبة ، ولا أكثر له إتياناً؟ قال: بلى ، قالوا: فأعرض فقال : " كان رسول الله إذا قام الى الصلاة اعتدل قائماً ، ورفع يديه حتى يحاذى بهما منكبيه ، ثم قال: الله أكبر ، وركع ثم اعتدل فلم يصوب رأسه ولم يقنع ، ووضع يديه على ركبتيه ثم قال: سمع الله لمن حمده ، ورفع يديه واعتدل حتى يرجع كل عظم في موضعه معتدلاً ثم أهوى الى الأرض ساجداً ، ثم قال الله أكبر ، ثم جافى عضديه عن إبطيه، وفتح أصابع رجليه ، ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها ، ثم اعتدل حتى يرجع كل عظم في موضعه معتدلاً ، ثم أهوى إلى الأرض ساجداً ، ثم قال الله أكبر، ثم ثنى رجله وقعد، واعتدل حتى يرجع كل عظم في موضعه ، ثم جافى عضديه عن إبطيه ، وفتح أصابع رجليه ، ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها ، ثم اعتدل حتى يرجع كل عظم فى موضعه معتدلاً ثم أهوى ساجداً ، ثم قال الله أكبر ثم ثنى رجله وقعد واعتدل حتى يرجع كل عظم فى موضعه ثم نهض ، ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك ، حتى إذا قام من السجدتين كبر ورفع يديه حتى يحاذى بهما منكبيه ، كما صنع حين افتتح الصلاة ، ثم صنع كذلك حتى كانت الركعة التي تنقضى فيها صلاته ، أخرَّ رجله اليسرى وقعد على شقه متوركاً ثم سلم " (1) .
قال الحافظ ابن حجر في تعليقه على حديث مالك بن الحويرث : فيه مشروعية جلسة الاستراحة وأخذ بها الشافعي وطائفة من أهل الحديث ، وعن أحمد روايتان : وذكر الخلال أن أحمد رجع إلى القول بها (1).
قال الشيخ الألباني في " الإرواء" (2/83): هذه الجلسة الواردة في هذين الحديثين الصحيحين تعرف عند الفقهاء بجلسة الاستراحة ،وقد قال بمشروعيتها الإمام الشافعي ، وعند أحمد نحوه كما في " تحقيق ابن الجوزى" (111/1) ، وأما حمل هذه السنة على أنها كانت منه للحاجة لا للعبادة وأنها لذلك لا تشرع كما يقوله الحنفية وغيرهم فأمر باطل ، ويكفى في إبطال ذلك أن عشرة من الصحابة مجتمعين أقروا أنها من صلاة رسول الله كما تقدم في حديث أبى حميد فلو علموا أنه عليه السلام إنما فعلها للحاجة لم يجز لهم أن يجعلوها من صفة صلاته وهذا بين لا يخفى والحمد لله تعالى "