14- الحذر من الكتب والمجلات المشبوهة :
من المداخل الشيطانية الخبيثة في هذا الموضوع : الاتجاه إلى القرآءة في الكتب والمجلات الطبية التي تتسلل إلى نفس القارئ عن طريق النصيحة، فتهون من شأن هذه العادة وتعرضها عرضاً يحببها إلى النفس، ويخفف من ضغط تأنيب الضمير على ممارسيها، وعندما يُسأل الطبيب في الصفحة الطبية عن العادة، فإنه لا يقول أنها عادة محرمة، غاية ما يقوله : إن الإفراط في هذه العادة ضار، وبعد ذلك يضطرب القُرَّآءُ المساكين في تحديد مقدار الإفراط، فيفتحون الباب لشهواتهم ويطلقون لها العنان بحجة أنهم لم يصلواْ إلى حد الإفراط بعد، وأنهم لا يشعرون بأضرار، وأن الذاكرة طبيعية، والمفاصل سليمة، والنظر جيد، وهكذا...
كذلك ينبغي الحذر من قرآءة الكتب الطبية وعلم الأحياء التي كتبها أناس لا يعرفون الله أو لم يلتزموا بالمنهج الإسلامي، سواء من ناحية ما كتب فيها، أو ما صور فيها من الصور التي تثير الغريزة تحت ستار منهج البحث العلمي .
15- التّحلِّي بخلقين " الصبر والعفة " :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " وأما الصبر عن المحرمات فواجب، وإن كانت النفس تشتهيها وتهواها، قال تعالى : وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ - النور 33 - والاستعفاف هو ترك المنهي عنه كما في الحديث الصحيح عن أبي سعيد الخدري عن النبي قال : " من يستعفف يُعِفّه الله، ومن يستغن يُغنه الله، ومن يتصبر يُصَبِّره الله، وما أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر " [مجموع الفتاوى 10/574 ] .
16- " أَتْبِع السيئةَ الحسنةَ تَمحُها " :
على المسلم إذا وقع في هذه المعصية أن يبادر إلى فعل طاعات بعدها مباشرة كي يمحو أثر هذا الذنب، قال تعالى : إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ - هود 114 – وقال : " وأَتْبِع السيئةَ الحسنةَ تَمحُها " ، وقد قال عمر بن الخطاب بعد تَسَرُّعِهِ في الإجابة على رسول الله في غزوة الحديبية قال : فعملت لذلك أعمالاً ، ومن أمثلة هذا الأعمال الصالحة بع الذنب : ركعتي التوبة [ انظر تفصيلها في رسالة " أريد أن أتوب ولكن " ص 26 ] .
17- الـدُّعَــــــــاء :
مما لا شك فيه أن اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء والتذلل إليه سبحانه طلباً للعون على التخلص من أسر هذه العادة هو من اعظم العلاجات، قال الله عز وجل : وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ - البقرة 186 – وينبغي أن لا يتحسر المذنب فيترك الدعاء ، والواجب هو :
18- عدم اليأس والقنوط :
إن المؤمن مهما عصى الله ومهما تكرر منه وقوع الذنب فلا يجوز له أن ييأس، وليعلم بأن القنوط من رحمة الله واليأس من روح الله هو كبيرة توقع في الشرك، فتكون أعظم من الوقوع في أسر تلك العادة السيئة ، قال تعالى : إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ - يوسف 87 - وقال : وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ - الحجر 56 - .
وتكرار الوقوع في هذه العادة يذكرنا بحديثٍ فيه رجاءٌ من جهةٍ، وخوفٌ من جهةٍ أخرى، نسوقه هنا لإنقاذ من أصيب بالإحباط التام من كثرة وقوعه في هذا الذنب، قال رسول الله : " ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة، أو ذنب هو عليه مقيم، لا يفارقه حتى يفارق الدنيا، إن المؤمن خُلِق مُفَتَّنَاً نَسِيَّاً، إذا ذُكِّر ذكر " [ رواه الطبراني عن ابن عباس مرفوعاً، وهو في صحيح الجامع برقم 5735 ] ، وهذه ليست دعوة للرضا بالواقع، كلا، ولا استحسان الوضع والإقامة عليه، إنما هو تذكير بالرجاء في موضع اليأس، ودعوة إلى التوبة عند النسيان والتذكر عند الذكرى .
وفيما يلي رسالةٌ جاوبت بها أخاً لا أعرفه، أرسل إليّ يشكو حاله مع تلك العادة :
أخي في الله ،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد..
فاعلم أخي أني أحببتك في الله لما لمسته في كلامك من الحرص على تقوى الله ورضاه، واجتناب عصيانه وسخطه، واعلم أن في النفس ضعفاً لا يسلم منه بشر، ولكن يتفاوت الناس فيه إلى منازل بحسب إيمانهم ودرجتهم في التقوى، واعتياد النفس معصية يوجب غضب الله ما لم تتب وتستغفر وتجاهد في ألّا تعود، فإذا عادت بالرغم من المجاهدة، مع استمرار المجاهدة، فالرجاء من الله الغفور الرحيم أن تدخل هذه النفس في حديث المصطفى : " إن عبداً أصاب ذنبا فقال : رب أذنبت ذنباً فاغفر، فقال ربُّه : " أَعَلِمَ عبدي أن له ربَّاً يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي "، ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنباً فقال رب أذنبت ذنباً آخر فاغفره، فقال : " أَعَلِمَ عبدي أن له ربَّاً يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي "، ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنباً فقال رب أصبت آخر فاغفره لي، فقال : " أَعَلِمَ عبدي أن له ربَّاً يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي ثلاثاً فليعمل ما شاء " ؛ وهذا ما استمرت التوبة بشروطها الثلاثة .
هذا ...وأحذرك يا أخي من اليأس والقنوط من رحمة الله، فإني أعرف أناساً أذنبوا فيئسوا فانتكسوا، لأنهم قطعوا الأمل بالله .
كما أحذرك من مزلق شيطاني خطير، وهو أن يأتي إبليس إلى المسلم المذنب فيقول له : إنك وأنت على هذه المعصية، وهذا الواقع السيء لا تستحق أن تماشي أولئك الناس الطيبين الطاهرين من الشباب المؤمن، لأنك لست في مستواهم ولا قريباً من منزلتهم، فلا يزال الشيطان بهذا الشاب حتى يبعده عن إخوانه، فتكون بداية النهاية .