7-الاعتبار بالأضرار الناتجة عن تلك الممارسة :
ومنها : الجسدية والنفسية والدينية .
فأما الجسدية : فقد ذكر بعض أهل الطب من أضرار تلك العادة :ضعف البصر والأعصاب عموماً، وضعف عضو التناسل، والالتهاب المنوي، وألآم الظهر، ورعشة الأعصاب، وكذلك فهو يحل ماء فاعله، فبعد أن يكون مَنِيّهُ غليظاً ثخيناً يصير بهذه العملية رقيقاً، وقد يولد منه ولد ضعيف، والقاعدة الشرعية تقول : " لا ضرر ولا ضرار " .
وبينما كان يُرى الشاب من هؤلاء المصابين قوي الأعضاء، جمّ النشاط، يشعل ذكاءً وفتوة، ويلتهب حماساً وقوة، تجري نضرة الشباب في وجهه، ويغلي دم الحياة في عروقه، إذا أنت تراه – وقد أنهكه ذلك الفعل – خائر الأعضاء، فاقد النشاط، قد استحال ذكاؤه إلى غباوة وأفن، وانقلب حماسه وقوته إلى ضعف ووهن، وصارت نضرته صُفْرَة تنذر بحلول داءٍ عياءٍ، وهبطت حرارة الدم فيه بنسبة ما أخرج من الماء، والتحق بالشيوخ الهرامى، وهو لا يزال بعد في سن الشباب، كل هذه البلايا بفضل ذلك الفعل الخبيث ولا غرو ، فإن ماء الرجل قوة عقله ونضارة وجهه ومخ ساقه وخلاصة عروقه .
احفظ منيَّك ما استطعت فإنه ماء الحياة يصب في الأرحام
[ هذه الفقرة نقلاً عن رسالة من عبد الله الصديق الحسني في حكم هذه العادة مع اختصار وتصرف ] .
وأما الأضرار النفسية : فمنها الصراع النفسي الناتج عن الإحساس بالإثم ووخز الضمير، وكذلك القلق العصبي وعدم الثقة بالنفس، والرغبة في العزلة، والشعور بالخجل والانطواء .
أما الأضرار الدينية : فكثيرة واضحة، وبالله كم ضاعت بسبب هذه العادة من صلواتٍ، لصعوبة الاغتسال والتكاسل عنه خصوصاً أيام البرد، وكم فسد من أيام صومٍ من رمضان بسبب مزاولتها .
8- إزالة القناعات الخاظئة :
لقد اقتنع كثير من الشباب أنه يجوز له ممارسة هذه العادة حماية لنفسه من الفواحش العظام كالزنا، واللواط، وهم عندما يتكلمون بذلك يخيِّلون إليك أنهم قاب قوسين أو أدنى من الوقوع في الفاحشة، وأن أسبابها حاضرة بين أيديهم، وأنهم سيقعون فيها للتو واللحظة، وإذا تأملت واقعهم وجدت بينهم وبين الفاحشة أمداً بعيداً، لكن يهولون الوضع لأنفسهم ليقنعواْ أنفسهم أن ما يقومون به ضرورة، ويتناقلون أن بعض العلماء أباحوه للضرورة، ولتوضيح هذه المسألة ننقل هنا فتوى لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - في هذا الموضوع .
قال - رحمه الله - في الفتاوى [10/573] : " وكذلك من أباح الاستمناء عند الضرورة، فالصبر عن الاستمناء أفضل، فقد رُوي عن ابن عباس أن نكاح الإماء خير منه، وهو خير من الزنا، فإذا كان الصبر عن نكاح الإماء أفضل، فعن الاستمناء بطريق الأولى أفضل .
لا سيما وكثير من العلماء أو أكثرهم يجزمون بتحريمه مطلقاً،وهو أحد الأقوال في مذهب أحمد، واختاره ابن عقيل في المفردات والمشهور عنه – يعني احمد – أنه محرم إلا إذا خشي العنت، والثالث أنه مكروه إلا إذا خشي العنت .
فإذا كان الله قد قال في نكاح الإماء : وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ -النساء 25- ففيه أولى، وذلك يدل على أن الصبر عن كلاهما [ كذا في الأصل والصواب كليهما ] ممكن .
فإذا كان الله قد أباح ما يمكن الصبر عنه، فذلك لتسهيل التكليف كما قال تعالى : يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا -النساء 28- .
والاستمناء لا يباح عند أكثر العلماء سلفاً وخلفاً سواء خشي العنت أو لم يخش ذلك، وكلام ابن عباس وما رُوي عن أحمد فيه، إنما هو لمن خشي العنت - وهو الزنا واللواط – خشية شديدة خاف على نفسه من الوقوع في ذلك، فأبيح له ذلك لتكسير شدة عَنَتِهِ وشهوته .
وأما من فعل ذلك تلذذاً أو تذكراً أو عادة، بأن يتذكر في حال استمنائه صورة كأنه يجامعها، فهذا كله محرم لا يقول به أحمد ولا غيره، وقد أوجب فيه بعضهم الحد، والصبر عن هذا من الواجبات لا من المستحبات .
ومن القناعات التي تحتاج إلى مراجعة أيضاً ظن بعضهم أن الاستمناء يحل مشكلة الشهوة المتفاقمة، وأنه يطفيء نارها، والحق أنه حلٌ مؤقت بل وهمي، بل الذي يحدث أن من يمارسها يشعر بالحاجة إلى ممارستها مرة أخرى بعدها مباشرة، وهكذا يصاب بالإنهاك، ثم لو أطفأ نار الشهوة يوماً، فإنها لا تلبث أن تستعر بسرعة فيعود إلى الوقوع فيها وهكذا..، فهو أراد الهروب من مشكلة فوقع في مصيبة .
9- التسلح بقوة الإرادة والعزيمة :
الشاب المسلم لا يستسلم لتزيين إبليس، ولا يسلم قِيَادَهُ لعدوه مهما أغراه، فإذا حضَّر الشيطان العدة وهيأ الجو، فلا بد من عزيمة إيمانية تُقيمُ الشاب من مكانه، ليذهب في طاعة، رافضاً الانقيادَ لفكرةِ إبليس، ولو شرع في عمل محرم فلابد من إرادة إسلامية توقف ذلك العمل في مبدأ الأمر قبل أن يستفحل، وتأبى لصاحبها الاستسلام والانسياق إلى نهاية الطريق، ونستحضر هنا قصة يوسف وثباته أمام إغراء امرأة العزيز وتفضيله دخول السجن على الوقوع في الفاحشة، وكذلك حديث الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة وهم في الغار فتوسلوا إلى الله بأعمال صالحة حتى فرج الله عنهم، قال أحدهم : " اللهم إنه كانت لي ابنة عم كنت أُحبُّها كأشد ما يحبُّ الرجالُ النساءَ، فأردتها على نفسها فامتنعت منّي حتى ألَمَّت بها سنةٌ من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت، حتى إذا قدرت عليها، وفي رواية :فلما قعدت بين رجليها قالت : اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إليّ، وتركت الذهب الذي أعطيتها، اللهم ان كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه......" [ متفق عليه، فتح الباري 10/404 ، صحيح مسلم ص 2099 ، وذكر الرواية الإمام النووي – رحمه الله – في رياض الصالحين في آخر الباب الأول ] .