10- تجنب الوحدة :
لا شك أن من أعظم الأسباب الدافعة لممارسة هذه العادة هو الوحدة، فهي تهيء الجو للمعصية، وهنا نذكر أموراً :
يصعب على المرء أن يكون دائماً مع الناس، بل الصحيح أن يجعل وقتاً يخلو فيه بنفسه ويذكر فيه ربه، ولذلك فإن أوقات الخلوة يجب أن تستعمل في الطاعة لا في المعصية، وقد ذكر عليه الصلاة والسلام من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظلَّ إلا ظله " رجلا ذكر الله خالياً ففاضت عيناه" .
لقد نهى ان يبيت الرجل وحده [ رواه أحمد، المسند2/91 وهو في صحيح الجامع 6919 ] وهذا النهي مفيد في علاج مثل هذه الحالة، لأن الانفراد يُسهِّل مهمة الشيطان في الوسوسة ودفع الشخص لممارسة هذا العادة .
من فوائد القرين الصالح أنه يأمر بالخير وينهى عن الشر، ورؤيته تذكِّر بالله فلا شك أن وجوده صارف للنفس إذا أَمرت بسوء، ودعت إلى فعل تلك العادة وأقل ما في الأمر أنه يُستحيا منه .
ينبغي أن يتذكر الفاعل لهذا العمل إذا خلا بنفسه أن الله مطلع عليه، وأنه ناظر إليه، وانه يراه سبحانه، فكيف يليق به أن يعمل هذا العمل تحت بصر الله وعلمه ؟! فكيف يعصيه وهو يعلم أنه معه حيث كان، وأنه يراه في ظلمةِ الليلِ ويعلم مكانه وفعله؟! وهذا يقود العبدَ إلى الاستحياء من الله أن يراه يستعمل جوارحه في غير مرضاته عز وجل .
وإذا خلـوت بريبة في ظـلمة والنفس داعية إلى الطغيـان
فاستحي من نظر الإله وقل لَها إن الذي خلق الظـلام يراني
الإخلاص في أدعية دخول الخلاء، ومنها : "اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث " فإن هذه الأماكن من مظان وجود الشياطين وكثرة قيامهم بالوسوسة فيها .
11- عدم الاستهانة بنتائج الصوم :
لا شك أن أولى العلاجات بالاهتمام والتقديم العلاجات النبوية، والحل النبوي بمعالجة هذه المشكلة واضح فيما يرويه عبد الرحمن بن يزيد قال : دخلت مع علقمة والأسود على عبد الله، فقال عبد الله : كنا مع النبي شباباً لا نجد شيئاً، فقال لنا رسول الله : " يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجآء " [ متفق عليه، انظر الفتح 9/112 ] .
فهذه نصيحته للشباب الفقرآء عنده، الذين لا يجدون مالاً للزواج؛ فإنْ قال قائل : جربنا الصيام فلم يُفد، ولا زلنا نواقع تلك المعصية؛ فجواب مثل هؤلاء أن يقال لهم : إنكم لم تعملوا بذلك العلاج فترة كافية ولم تداوموا عليه مدة طويلة يظهر بعدها الأثر، فاستعجالكم بإطلاق النتيجة بعدم الفائدة وليدُ قِصَر النفس في الأخذ بذلك العلاج النبوي، أما صيام يوم أو يومين أو جعله على فترات متباعدة، فقد لا يشعركم بنتائج محسوسة وقريبة، فمهلاً وصبراً، فإنه ليس كلام طبيب يخطيء ويصيب، وإنما هو كلام الصادق المصدوق المنبَّأ من عند علام الغيوب .
ثم إن الصيام مفيد على جميع الأحوال، فهو عبادة يؤجر عليها ولو لم يجد لها أثراً مباشراً وسريعاً، وأجرُ الصيام يمكن أن يمحو سيئات تلك الأعمال وزيادة .
وأما فائدته المتعلقة بالموضوع فهي واضحة في أن الصيام يكسر الشهوة، قال ابن حجر – رحمه الله - : " وفي الحديث أيضاً إرشاد العاجز عن مؤن النكاح إلى الصوم، لأن شهوة النكاح تابعة لشهوة الأكل، تقوى بقوته وتضعف بضعفه " [ الفتح 9/111 ] .
12- الحذر من العلاجات الغريبة :
يعمد بعض الشباب في محاولة وضع حد لهذه وضع حد لهذه المشكلة إلى علاجات غريبة، فمن ذلك : استخدام النَذْرِ والحلف، فيحلف بالله العظيم أن لا يفعل هذه العادة، أو ينذر صياماً أو صدقة معينة إذا أقدم على تلك العادة، وقد ينفع هذا الحل فترة مؤقتة لما في النفس من تعظيم القَسَمِ واليمين، أو خشية أن يلزمه ما نذر من العمل الشديد والكثير، ولكن لا تلبث الشهوة أن تلقى بثقلها، فَتَئِنُّ النفسُ الضعيفة تحت الوطأة، فتنزلق في منحدر تلك الرذيلة فَتُنْقَضُ الأَيمان بعد توكيدها، فتلزم الكفارة ، وبعضهم ينذر أن يتصدق بمبلغ كبير عن كل مرة يرتكب فيها تلك المعصية، فلولا رحمة ربك أنَّ نَذْرَه نذر لجاج وإلا لاجتمعت عليه مبالغ كبيرة لا يستطيع أداءها، والصحيح أن عليه كفارة يمين .
وعلاج آخر يفكر فيه البعض : وهو تعاطي بعض الأدوية المسكنة للشهوة، وهذا الحل قد يكون فيه مخاطر طبية وجسدية وعلى كلٍّ فإن من شروطه أن لا يؤدي إلى انعدام شهوة النكاح بالكلية؛ قال ابن حجر – رحمه الله – بعد أن حكى قولاً عن بعضهم في مسألة استعمال المعالجة بالأدوية لقطع الشهوة قال : " وينبغي أن يُحمل على دواء يسكن الشهوة دون ما يقطعها أصالة، لأنه قد يَقْدِرُ بعدُ فيندم لفوات ذلك، وقد صرح الشافعية بأنه لا يكسرها بالكافور ونحوه، والحجة فيه انهم اتفقوا على منع الجبٍّ والخصاء، فيلحق بذلك ما في معناه من التداوي بالقطع أصلاً " [ فتح الباري 9/111 ] .
13- الالتزام بالآداب الشرعية عند النوم :
حيث أن الشيطان يأتي بوسوسته بمثل هذه الأمور عند النوم، لذا كان من وسائل المحاربة تطبيق الهدي النبوي والآداب الشرعية في تلك الحال ومن ذلك : [هذه الآداب سردها النووي - رحمه الله – في كتاب آداب الوم والاضطجاع من مصنفه رياض الصالحين . انظر ط. المكتب الإسلامي تحقيق الألبانب ص 317 ] :
النوم على الجانب الأيمن :
عن البراء بن عازب قال : كان رسول الله إذا أوى إلى فراشه نام على شقه الأيمن [رواه البخاري] .
تجنب النوم على البطن :
عن يعيش بن طِخْفَة الغفاريّ – رضي الله عنهما – قال : قال أبي : بينما أنا مضطجع في المسجد على بطني، إذا رَجُل يحركني برِجله، فقال : " إنَّ هذه ضجعة يبغضها الله " قال فنظرت فإذا رسول الله [ رواه أبو داود بإسناد صحيح ] .
قال في عون المعبود : وفي الحديث أن النوم على البطن لا يجوز [ عون المعبود 13/383 ] ، ولعل من سيئات هذه الوضعية في النوم ما ينتج من تحريك الشهوة بخلاف وَضْعِيَّةِ السُّنَّةِ .
الوضوء :
عن البراء بن عازب قال: قال : رسول الله : " إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن.."
ولا شك أن الوضوء مما يُسَكِّنُ النفس، ويباعد وسوسة إبليس خصوصاً في هذا الموضع .
المحافظة على الأذكار الشرعية :
المتأمل لمعاني الأذكار الشرعية عند النوم، يجد فيها رهبة تمنع من مزاولة تلك الدنايا فمن ذلك : "اللهم باسمك أموت وأحيا " [رواه البخاري] وكذلك : " اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت " [رواه البخاري] وفي رواية : " واجعلهن آخر ما تقول " .