* زيادة لفظة " سيدنا " عند ذكر الرسول في التشهد والأذان :
بعض الناس يزيدون لفظة " سيدنا " عند ذكر الرسول في التشهد أو في الأذان ، وهذه الزيادة لم تثبت عن النبي ومعلوم أن العبادات توقيفية ، فلا يجوز للإنسان أن يُحْدث قولاً أو فعلاً في الدين ، لأن هذه الزيادة كأنها استدراك على الله تعالى ! ، وهذا ما يقوله لسان حال المبتدع!
والذين يزيدون لفظة " سيدنا " عند ذكر الرسول يبررون فعلهم هذا بأنه زيادة في توقير النبي ومحبته وهذا القول مردود من وجهين :
الأول :أن توقير النبي ومحبته تكون في اتباعه من غير زيادة أو نقصان ، وقد قال النبي : " صلوا كما رأيتموني أصلى " ولم يكن النبي يذكر هذه اللفظة في صلاته.
ولا يقال : إن النبي قد ترك هذه اللفظة تواضعاً ؛ لأن الرسول لا ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحي [ النجم : 3و4 ] ولو كانت هذه اللفظة مما أوحاه الله إليه لقالها لا ريب في ذلك .
الوجه الثاني : أن أصحاب النبي كانوا اشد منا حباً للرسول له ، ومع ذلك لم يثبت عن أحد منهم نه تلفظ بهذه الزيادة. وقد كان بلالٌ وغيره يؤذنون بين يدى النبى ولم يذكروا هذه اللفظة ، فهل معنى ذلك لها أنهم لا يحبون الرسول ولا يوقرونه ؟ ولا جواب عند القائلين بهذه الزيادة إلا الرجوع عنها ومتابعة النبي في أقواله وأفعاله .
وقد ورد سؤال للشيخ ابن عثيمين، يقول فيه السائل : يقول عبد الله ابن الشخير : "انطلقت في وفد بنى عامر إلى رسول الله فقلنا أنت سيدنا فقال: " السيد الله تبارك وتعالى " . رواه أبو داود فكيف نجمع بين هذا وبين ما جاء في التشهد " اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد " فبعض الناس ينكر هذا أفتونا مأجورين؟
فأجاب: لا يرتاب عاقل أن محمداً سيد ولد آدم فإن كل عاقل مؤمن يؤمن بذلك والسيد هو ذو الشرف والطاعة والإمرة وطاعة النبي من طاعة الله سبحانه وتعالى: من يطع الرسول فقد أطاع الله [ النساء: 80 ] ونحن وغيرنا من المؤمنين لا نشك أن نبينا سيدنا وخيرنا وأفضلنا عند الله سبحانه وتعالى وأنه المطاع فيما يأمر به صلوات الله وسلامه عليه. ومن مقتضى اعتقادنا أنه السيد المطاع عليه الصلاة والسلام أن لا نتجاوز ما شرع لنا من قول أو فعل أو عقيدة ومما شرعه لنا في كيفية الصلاة عليه في التشهد " أن نقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد " أو نحوها من الصفات الواردة في كيفية الصلاة عليه ولا أعلم أن صفة وردت بالصيغة التى ذكرها السائل اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد. وإذا لم ترد هذه الصيغة عن النبي فإن الأفضل ألا نصلى على النبي بها وإنما نصلى عليه بالصيغة التى علَّمنا إياها. وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أن كل إنسان يؤمن بأن محمداً سيدنا فإن مقتضى هذا الإيمان أن لا يتجاوز الإنسان ما شرعه وأن لا ينقص عنه فلا يبتدع في دين الله ما ليس منه ولا ينقص من دين الله ما هو منه فإن هذا هو حقيقة السيادة التى هي من حق النبي علينا وعلى هذا فإن أولئكم المبتدعين لأذكار أو صلوات على النبي لم يأت بها شرع الله على لسان رسوله محمد تنافى دعوى أن هذا الذي ابتدع يعتقد أن محمداً سيد لأن مقتضى هذه العقيدة أن لا يتجاوز ما شرع وأن لا ينقص منه فليتأمل الإنسان وليتدبر ما يعنيه بقوله حتى يتضح له الأمر ويعرف أنه تابع لا مشرع.
وقد ثبت عن النبي أنه قال: " أنا سيد ولد آدم " والجمع بينه وبين قوله: " السيد الله " أن السيادة المطلقة لا تكون إلا لله وحده فإنه تعالى هو الذي له الأمر كله فهو الآمر وغيره مأمور وهو الحاكم وغيره محكوم ، وأما غيره فسيادته نسبية إضافية تكون في شيء محدود وفى زمن محدود ومكان محدود وعلى قوم دون قوم أو نوع من الخلائق دون نوع.(1)