وعندما وصلت أقمشة يمنية ووزعت على المسلمين عدلاً ومساواة ولبس عمر بن الخطاب ثوباً أكبر من حقه ( لأنه كان طويلاً ) ولمس المسلمون ذلك لأن الأشياء كانت توزع علانية . وصعد عمر المنبر ليخطب ويحثهم على الجهاد مرتدياً هذا الثوب وقال لهم :" اسمعوا وأطيعوا " فلا يصله دوي من التصفيق الحاد والملتهب ، وإنما يتصاعد إليه صوت قوي يقول : لا سمع ولا طاعة . ولا يتقدم في هذا الموقف عشرات الجنود المدجيين بالسلاح فيغمزون هذا المتبجح بسيل من اللكمات والقنابل المسيلة للدموع . ولكن الجو يهدأ ويقول له عمر في هدوء : لماذا ؟ يرحمك الله ( يدعو له بالرحمة ) فيقول الرجل بنفس الجرأة : أخذت من القماش مثلما
أخذنا . فكيف فصلته قميصاً وأنت أطول منا ؛ لابد أن هناك شيئاً خصصت به نفسك . ويدافع عمر عن نفسه ، وينادي على ابنه عبد الله كشاهد نفي ويعلن عبد الله بن عمر أنه تنازل عن نصيبه لأبيه حتى يمكنه أن يحصل على قميص كامل يتمكن به من ستر العورة والاجتماع بالناس ويجلس الرجل في هدوء من جديد وهو يقول :" الآن نسمع ونطيع ".