كيف يمكن إمساك زمام النفس عند الغضب
ينقل أحد الأشخاص تجربته في التحكم بمشاعره الهائجة والثائرة في حالات الغضب والانفعال الشديد,فيقول:
إن كظم الغيظ ليس بالعملية السهلة,لكنه أمر ممكن لمن أراد ان يسيطر على انفعالاته,وقد قررت ذلك وجربت ونجحت,فكيف ذلك؟
في البداية رحت أراقب الغاضبين الثائرين,فرأيت ان حركاتهم وتصرفاتهم إبان الانفعال الهائج مضحكة ومؤسفة في آن واحد,بل وتثير الشفقة,فقلت في نفسي:هل هكذا أبدو في حال غضبي وانفعالي ؟فقرفت واشمأزت نفسي.
وبالتجربة ايضاً في المواقف المثيرة للأعصاب ان أنسحب من ساحة المعركة لئلا تزداد الخسائر ويحدث مالاتحمده عقباه,كأن ادخل الى غرفة اخرى,أو أخرج من البيت لحين عودة الهدوء الى الساحة.
فبالتجربة ثبت لي أن السكوت وعدم الرد أحياناً يهدىء المواقف ولايصعده,لأن كلمة نابية منك وكلمة نابية من الآخر تحدث شرارة المعركة,أما إذا أطلقها هو وتجنب الرد بالمثل تكون قد حددت نهاية المعركة.
وجربت أحياناً أن أنفس عن غضبي وانفعالي بكلمات باردة تطفىء لهيب المواقف الساخنة مثل :"سامحك الله","غفر الله لك" ولم ألجأ الى كلمات تزيد النار حطباً مثل: أنا قادرة على الرد ولكنني افضل الصمت,أو أنا قادرة على أن أرد الصاع صاعين لكنني أترفع عن ذلك..أو لا أريد أن أكون حمقاء مثلك.
كما جهدت على أن أطبق ماورد من نصائح عملية في بعض الأحاديث الشريفة من أن أجلس إذا كنت واقفة,لأن الوقوف اثناء المشاجرة يزيد في حدة التوتر والانفعال,أو أنني استلقي على فراشي لفترة محدودة لأقوم بعملية تسريب للشحنات التي تعتري اعصابي.
وفي النتيجة,حصلت من تجاربي مع الإمساك بزمام النفس عند الغضب على إنني كنت أبدو في كل موقف أملك فيه السيطرة على انفعالاتي,كبيرة في نفسي,وإنني احسن ممن أراد إغضابي وأكرم منه,وإنني كسبت مودة بعض الناس بدلاً من كسب عداواتهم .
الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم : (بمعنى اللجوء إلى الله والاعتصام والامتناع به من الشيطان :ـ في الصحيحين من حديث سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجُلانِ يَسْتَبَّانِ فَأَحَدُهُمَا احْمَرَّ وَجْهُهُ وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لأعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ لَوْ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ فَقَالُوا لَهُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ فَقَالَ وَهَلْ بِي جُنُونٌا). ويلاحظ أن أكثر الناس اليوم إذا غضبوا ثم استعاذوا لا نجد أثراً يُذكر في غضبهم بمعنى أن استعاذتهم كعدمها فما تفسير ذلك ؟ والجواب أن الاستعاذة مشروطة بالفهم مع الشروع فوراً في اللجوء إلى الله مع النطق بها، أما مجرد النطق بكلمات دون عمل القلب فإن ذلك لا يجدي على القائل شيئاً يذكر .