المفسد الثالث من مفسدات القلب/التعلق بغير الله تبارك وتعالى :
وهذا أعظم مفسداته على الإطلاق .
فليس عليه أضر من ذلك ولا أقطع له عن مصالحه وسعادته منه فإنه إذا تعلق بغير الله وكَلَه الله إلى ما تعلّق به ، وخذله من جهة ما تعلق به ، وفاته تحصيل مقصوده من الله عز وجل ، بتعلقه بغيره والتفاته إلى سواه . فلا على نصيبه من الله حصل ، ولا إلى ما أمَّله ممن تعلَّق به وصل . قال الله تعالى :
" واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزاً ،كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونوا عليهم ضداً " [ مريم : 81-82 ] ، وقال تعالى : " واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون ، لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون " [ يس : 74-75] .
فأعظم الناس خذلاناً من تعلق بغير الله . فإن ما فاته من مصالحه وسعادته وفلاحه ، أعظم مما حصل له ممن تعلّق به . وهو مُعَرَّض للزوال والفوات . ومثل المتعلق بغير الله : كمثل المستظلِّ من الحرِّ والبرد ببيتِ العنكبوت ، أوهن البيوت . وبالجملة : فأساس الشرك وقاعدته التي بنى عليها : التعلق بغير الله . ولصاحبه الذمُّ والخذلان ، كما قال تعالى : " لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموماً مخذولاً "[ الإسراء : 22] ، مذموماً : لا حامد لك ، مخذولاً : لا ناصر لك . إذ قد يكون بعض الناس مقهوراً محموداً كالذي قُهِرَ بباطل ، وقد يكون مذموماً منصوراً كالذي قهر وتسلط بباطل ، وقد يكون محموداً منصوراً كالذي تمكَّن وملك بحق . والمشرك المتعلق بغير الله قِسمُه أردأ الأقسام الأربعة ، لا محمود ولا منصور .