وخرج عمر في جولته الليلة يتحسس أخبار الرعية ، فوصل إلى خيام على بعد ثلاثة أميال من المدينة . استلفت نظره فيها خيمة نارها مشتعلة ، فلما اقترب رأى امرأة وحولها صغار يبكون ، فسأل عمر عن حالهم فقالت المرأة : ضربنا البرد والليل . قال عمر : فما بال الصبية يبكون ؟ وتجيب المرأة : يبكون من الجوع . ويسأل عمر : وماذا في القدر ؟ قالت : ماء أسكتهم به حتى يناموا ، ثم تقول المرأة : الله بيننا وبين عمر ، وهي لا تعرف أن الذي يكلمها هو عمر . فيقول لها عمر : يرحمك الله ، وما يدري عمر بكم . فترد المرأة قائلة :" سبحان الله أيتولى أمرنا ويغفل عنا " ويهرع عمر إلى بيت المال ويعود ويحمل على كتفه الطعام بنفسه ويحمل لها جوال الدقيق والزيت على ظهره بنفسه ، ويأبى أن يحمل عنه أحد ذلك قائلاً إن أحداً لن يحمل عنه ذنوبه يوم القيامة . ويطبخ عمر أمير المؤمنين للصبية طعامهم والمرأة تتعجب من صنيعه ، وتقول له :" جزاك الله خيراً أنت والله أولى بالحكم من أمير المؤمنين عمر ".