خوف يطفئ الشهوةكان التابعي الجليل عبيد بن عمير يسمى قاص مكة وكان الصحابة يحضرون
مجلس وعظه ويبكون فيه ويتأثرون وهو رجل ممن غلب ملكه شيطانه وقهر
خوفه شهوته حتى نضح على من حوله خشية ووجلا أورثت توبة وإنابة وإسمعو قصته مع غانية مكة :
كانت إمرأة جميلة بمكة وكان لها زوج، فنظرت الى وجهها في المرآة
وقالت لزوجها : أترى أحدا يرى هذا الوجه ولا يفتن به
قال: نعم ، قالت : من ؟
قال عبيد بن عمير ،
قالت فأذن لي لأفتنه،
قال قد أذنت لك.قال : فأتته كالمستفتية فخلا بها من ناحية المسجد الحرام ،
فأسفرت عن مثل فلقة القمر ،
فقال لها : اتق الله يا أمة الله ، قالت : اني قد فتنت بك فانظر في أمري.
قال : إني سائلك عن شيء فإن أنت صدقت نظرت في أمرك ، قالت: لا تسألني عن شيء الا صدقتك.
قال أخبريني .. لو ان ملك الموت أتاك ليقبض روحك أكان يسرك أني قضيت هذه لك هذه الحاجة ؟ قالت : اللهم لا،
قال: صدقت.قال : فلو أدخلت في قبرك وأجلست للمسائلة أكان يسرك أني قضيت
هذه لك هذه الحاجة ؟ قالت : اللهم لا،
قال: صدقت.قال : لو أن الناس أعطو كتبهم ولا تدرين تأخذين كتابك بيمينك أم بشمالك أكان يسرك أني قضيت هذه
لك هذه الحاجة ؟ قالت : اللهم لا، قال: صدقت.
قال : فلو وقفت بين يدي الله للمسائلة، أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة ؟ قالت : اللهم لا ، قال : صدقت .
قال : اتق الله يا أمة الله قد أنعم الله عليك وأحسن اليك.فرجعت الى زوجها
فقال ما صنعت ؟ قالت : أنت بطال ونحن بطالون ،
فأقبلت على الصلاة والصوم والعبادة، فكان زوجها يقول : مالي ولعبيد ابن عمير ، أفسد علي إمرأتي ،
وكانت في كل ليلة عروسا فصيرها راهبة.(1)فالخوف ثمرة لطاعات عديدة ككثرة تلاوة القرآن وتدبر معانيه
ومطالعة أخبار القيامة ، وأهوال النار وأحوال أهلها.شغل بالحق والا فالباطل
كره عمر بن الخطاب رضي الله عنه الفراغ بإعتباره مزلة إلى المذلة
وهاوية الى الهوى، وقال رحمه الله :
" اني لأكره أن أرى أحدكم سبهللا – أي فارغا – لا في عمل دنيا
ولا في عمل آخرة" (2)فليتزوج + أكثر من الصيامقال النبي
" يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه
أغض للبصر وأحصن للفرج " (3)أصل الشهوات واحد كما أن أصل الصبر واحدفمن صبر عن شهوة الطعام
قويت ارادته واستطاع الصبر عن شهوة النظر الحرام ، ولهذا جاءت
الوصية بالصيام لتدرب الصائم على أن يمتنع بإختياره عن شهواته
ولذته الحيوانية ، ويصر على امتناعه فلا يتغير ولا يتحول ولا تعدوا
عليه عوائد الغريزة أو نوازع الرغبة فيكون غض البصر نتيجة
طبيعية لهذا وثمرة تلقائية له .
الله مطلع عليك " يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور " (4)
قال ابن عباس رضي الله عنه :
" الرجل يكون في القوم فتمر بهم أن يفطنوا اليه غض بصره وقد اطلع
الله عز وجل من قلبه أنه يود أنه نظر الى عورتها"يخدع المسكين نفسه ويظن أنه يخدع ربه " وما كان ربك نسيا "
كان لابنة عمر بن عبد العزيز لؤلؤة واحدة تستخدمها كقرط في أذنها وتنقصها لؤلؤة أخرى تضعها في أذنها الأخرى فأرسلت اليه ان يعطيها
لؤلؤة اخرى فأرسل لها بجمرتين ثم قال لها :
" ان استطعت ان تجعلي هاتين الجمرتين في أذنيك بعثت بأخت لها " (5)ونحن نرث مذهب الراشد الخامس ونقول لك يا مطلق بصره :
لو استطعت أن تجعل مكان عينيك جمرتين فابعثهما في الغيد الحسان.
كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يطيقون فراقه
ولما كانت الدنيا دار فراق
وهم لا يشبعهم منه غير الخلود
طلبو صحبته في دار الخلود وقدمو الثمن ...الصديق قدم صدقه
والفاروق قدم عدله
وذو النورين قدم ماله
وعلي قدم روحه يوم هجرة الحبيب..
هذا ما قدمو فأين ما قدمت