ليست السعادةقصور كسرى وقيصر ولا جيوش هارون الرشيد ولا كنوز قارون ولا ملك سليمان عليه السلام ولا فى كتاب الشفاء لابن سينا ولا فى حدائق قرطبة ،إنما السعادة سلوة خاطر بحق يحمله وانشراح صدر لمبدأ يعيشه وراحة بال وقلب لخير يكتنفه .
السعادة عند ابن المسيب فى تألهه وعند البخارى فى صحيحه وعند الحسن البصرى فى فى صدقه وعند الشافعى فى استنباطه وعند أحمد فى ورعه ( ذلك بأنهم لا يصيبه ظمأ ولا نصب ولا مخمصة فى سبيل الله ولا يطأون موطأ يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح )
وكلنا يظن أن السعادة فى كثرة المال والدور وجمع المسهلات والمرغبات فإذا هى سبب للغم والكدر والتنغيص لأن كل شىء له ضريبة لذا قال الله تعالى (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه )
إن أكبر مصلح فى العالم عاش فقيرا يتلوى من الجوع ، لا يجد دقل التمر يسد جوعه ومع ذلك عاش فى نعيم لا يعلمه إلا الله وفى انشراح الصدر وارتياح البال فلا تعجب وقد قال الله له ( وكان فضل الله عليك عظيما )
سلامة المسلم بدينه أعظم من ملكركسرى وقيصر
إن الذنوب والمعاصى والإساءة للخلق لمن أعظم أسباب الشقاء فى الدنيا والآخرة اسمع إلى قوله تعالى (يحسبون كل صيحة عليهم ) فهو يتوجس خيفة من اظلحداث والخطوات والحركات والسكنات فهو فى قلق وحيرة واضطراب
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتاده من توهم
والحل لمن أراد السعادة أن يحسن دائما إلى الناس وأن يتجنب الإساءة ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) وإن من تعاسة العبد روعثرة قدمه وسقوط مكانته عند الله ظلمه للعباد وهضمه لحقوقهم
*هذا هو أحمد ابن دؤاد القاضى المعتزلى ظن أن السعادة أن يتغلب على خصمه ( أحمد بن حنبل ) رحمه الله فيؤذيه بل ويشارك فى تعذيبه فيدعو عليه أحمد بن حنبل : اللهم احبسه فى جلده ، فيصيبه الله بمرض الفالج فكان يقول : أا نصف جسدى لو وقع عليه ذباب لظننت أن القيامة قد قامت ، وأما النصف الآخر فلو قرض بالمقاريض ما أحسست.ويدعو أحمد على (ابن الزيات الوزير ) فيسلط الله عليه من أخذه وجعله فى فرن من نار وضرب المسامير فى رأسه.
*(حمزة البسيونى) كانت سعادته فى تعذيب المسلمين فى سجن جمال عبد الناصر حتى قال يوما لمن يعذبهم : لو نزل إلهكم الآن لوضعته فى الحديد معكم !! وتمضى الأيام ويسير بسيارته متجها إلى الأسكندرية فيصطدم بشاحنة تحل أسياخ الحديد التى تدخل فى جسمه من أعلى إلى أسفل وإلى أحشائه وعجز المنقذون أن يخرجوه من سيارته إلا بعد أن قطعوه قطعا قطعا ( واستكبر هو وجنوده بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون ) ( وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أ الله الذى خلقهم هو أشد منهم قوة ) ؟!
قالوا السعادة فى النفوذ وسلطة الجاه العتيد
من كالأمير وكالوزير و كالمدير و كالعميد
يرنو إلى من دونه فيسابقون لما يريد
وإذا رأى رأيا فذلك وحده الرأى الرشيد
كل يسارع فى هوا ه ومن رضاه لا يحيد