شعب الإيمان من استكملها استكمل الإيمان
الحمد لله الذي لا يبلغ أحد كفاء نعمته، ولا معادلة فضله وإحسانه، والصلاة والسلام على عبده المجتبى ورسوله المصطفى وخاتمة عقد رسالاته المبعوث للناس أجمعين برسالة رب العالمين، والداعي إلى صراط الله المستقيم، ودينه القويم سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم... وبعد،،،
فهذا جمع لشعب الإيمان في ترتيب لم يسبق إليه وتنسيق بديع قد وفق الله إليه: يعرف قارئه بحقيقة الإيمان، وكيفية بنائه، وأين تقع أسسه وأركانه، وسوره وأبوابه، وزخارفه ونقوشه وألوانه، وكيف يتذوق المؤمن حلاوته، ويعيش في بستانه وجنته.
وأسأل الله أن يرزقني تمامه وكماله كما رزقني بدايته وافتتاحه، وأن يلهمني رشدي ويقيني شر نفسي.
الإيمان هو الدين كله:
اعلم -رحمني الله وإياك- أن الإيمان هو الدين كله، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [الإيمان بضع وستون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان].
فدل ذلك على أن كل ما أمر الله به من خبر يجب تصديقه، أو عمل يوجب أو يستحب فعله، فهو داخل في مسمى الإيمان.
فالشهادتان، والصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والصدق، والصبر، والأمانة، والحلم، والحياء.. كل ذلك من شعب الإيمان.
ولما كان الأمر يستلزم ترك ضد المأمور. كان الإيمان هو الدين كله أمراً ونهياً.
وبيان ذلك أن الأمر بالتوحيد نهى عن الشرك ولا يكون العبد موحداً لله إلا إذا ترك الشرك كله، فشهادة أن لا إله إلا الله تقتضي نفي كل شريك مع الله، وإثبات الألوهية لله وحده، وكذلك الأمر بالصلاة نهي عن إضاعتها، والأمر بالحياء نهي عن الفحش والفجور، وسقوط المروءة، والأمر إماطة الأذى عن الطريق نهي في ذات الوقت عن أذية المسلمين، وإلقاء الأذى في الطريق!!
وهكذا تصبح كل شعبة من شعب الإيمان قد أمر العبد بها يقابلها شعبة من شعب الكفر أو النفاق، أو الظلم، قد نهى عنها العبد.
ومجيء النص بالنهي عن شعب الكفر والشرك والنفاق والظلم هو من باب التأكيد والبيان، وإلا فالأمر بالشيء يستلزم بالضرورة النهي عن ضده.
الشعبة الأولى: لا إله إلا الله:
أول شعبة من شعب الإيمان وأعلاها هي شهادة أن لا إله إلا الله، وهذه الشعبة هي أعظم الشعب وأعلاها وأهمها ويتضمن شهادة أن لا إله إلا الله المعاني الآتية:
(1) معنى الإله: الإله في اللغة هو المعبود حقاً كان أو باطلاً فكل ما يقدس، ويعبد، ويرجى منه النفع، ويخاف منه الضر تسميه العرب إلهاً، ولذلك سموا الشمس (الإلهة) وسموا أصنامهم آلهة، واتخذوا الملائكة آلهة بعد ما اعتقدوا أنهم بنات الله، وأن لهم شفاعة عند الله، وكان لكل قبيلة من العرب صنماً لهم، حتى اجتمع عليها وقت الرسالة ثلاثمائة وستين صنماً لم تحطم إلا بعد فتح مكة.
ولما دعاهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عبادة الله وحده.
قالوا: {أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب} {وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد}. الآيات
وقال قوم إبراهيم لما حطم إبراهيم عليه السلام أصنامهم: {من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين} {قالوا أأنت فعلت هذا بآبائنا يا إبراهيم}
وتسمية الكفار أصنامهم ومعبوداتهم آلهة إنما هو من باب إطلاق الأسماء على غير مسمياتها لأن هذه المعبودات التي عبدوها من دون الله ليست آلهة في ذاتها، وعندما عبدت وهي لا تستحق العبادة، فإن الإله في الكون كله لا يكون إلا واحداً، ومحال أن تتعدد الآلهة.
ونحمد الله على نعمة الاسلام وكفى به نعمه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته