ظاهرة المرأه المسترجله

انتشرت خلال الفترة الأخيرة ظاهرة تستحق الوقوف عندها.. وهي المرأة المسترجلة.. تلك المرأة التي تجلس بالمقاهي وهي تحاكي الرجال ممسكة بالشيشة أو السيجار.. وبارتدائها الملابس الرجالية.. وتقصير الشعر.. وما إلي ذلك من أمور تستحدث تقلد فيها المرأة الرجل.. وعلي الرغم من رفض المجتمع لهذا السلوك سابقاً.. إلا أن الأمور الآن تغيرت.. فما الأسباب التي أدت إلي تقليد الرجل للمرأة؟ وصمت المجتمع تجاه هذه الظاهرة؟
تشير د. إجلال اسماعيل أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس إلي العديد من الأسباب منها التربية السيئة فإذا كانت البيئة التي يعيش فيها صالحة كان صالحاً وإن كانت سيئة فإنه كذلك فالبنت التي تعيش في بيت يسوده الفوضي وتنعدم فيه التربية الصالحة معرضة للانحراف غالباً مظاهر. ومن الانحراف التشبه بالرجال والاسترجال الذي يخالف فطرة المرأة وخلقها فلا إيمان يمنعها ولا تربية سليمة تردها ولا ولي صالح يرد عنها هذا السلوك السيء ويوجهها إلي الطريق الصحيح القويم.. أيضاً وسائل الإعلام بمختلف أشكالها وأنواعها المرئية والمسموعة والمقروءة تبث وتنشر الأفكار الضالة والمغرضة التي تقوي المرأة وتشجعها علي التمرد علي الدين والمباديء السليمة وعلي رفض سلطة الرجل تشجع المرأة علي المطالبة بحقها في التصرف بحرية وتستعرض أنواعاً من الملابس الفاضحة والمشابهة لملابس الرجل باسم الموضة والأزياء وتري ان تأثر الكثير من النساء بما يعرض عليهن هو خروج عن الدين والخلق وعن قوامة الرجل وظهر نوع من النساء كالرجال في الملبس والتصرفات.
أيضاً التقليد الأعمي فهي تلبس وتتصرف دون وعي أو إدراك لما تفعله ودون تفكير في فوائد أو أضرار ما تعمله فهي تقلد من حولها وإن كان الأمر منافياً لطبيعتها.
ومما لاشك فيه أن الصاحب له تأثير كبير في شخصية من يصاحبه سلباً أو إيجاباً.
أيضاً القدوة السيئة فقد تكون الأم مسترجلة تتصرف كالرجل فيقتدي بها بناتها وفي الغالب تكتسب البنات شخصياتهن من أمهاتهن فالأم التي لا تقدر الأب ولا تحترمه غالباً ما تكون بناتها كذلك لا يقدرن أزواجهن والأم التي تكون شديدة اللهجة في الخطاب ترفع صوتها في الكلام تكتسب البنت منها هذه الصفة وكذلك التشبه بالرجال في باقي الصفات كذلك انعدام الغيرة من زوجها أو وليها فلا يمنعها من مخالفتها لأمر الله في الحجاب والملبس ولا ينهاها عن تصرفات لا تليق بها كمجادلة الرجال فتجد أحياناً الزوج أو الأخ يري تصرفات خارجة عن الحياء والأدب ولا تتحرك الغيرة في نفسه وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه والمرأة المترجلة والديوث".
أما الدكتور خالد عبدالوهاب أستاذ علم النفس بجامعة بني سويف فيري أنها حالة مرضية من منظور علم النفس تتدخل فيها ثقافة المجتمع وطبيعة العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة. وهي نوع من التمرد علي سنة الله في خلقه الذي خلق الذكر والأنثي وخص كلاً منهما بطبيعة وسمات تتلاءم والتكليفات الشرعية والمرأة المجالسة للمسترجلات من النساء لابد وأن تتأثر بهن في الملبس والتصرفات مجاملة أو تقليداً لهن كي لا تكون شاذة بينهن.
وهناك سبب آخر هو عدم الثقة في النفس ولفت الأنظار فبعض النساء يشعرن بعدم الثقة ومحاولة منهن لسد ذلك النقص بفرض شخصياتها عن طريق التشبه بالرجال في الملابس والتصرفات وبعضهن تشبه بالرجال للفت الأنظار إليها وشد الانتباه لها وذلك بتسريحة الشعر أو لبس ملابس الرجل.
فقدان الأمان
تشير دكتورة داليا مؤمن أستاذ علم النفس إلي تفشي هذه الظاهرة في مجتمعنا العربي في الآونة الأخيرة بشكل خاص يرجع إلي التفكك الأسري وفقدان الإحساس بالأمان الاجتماعي وعدم قيام الأسرة بدورها في تنشئة أبنائها بطريقة سليمة وانشغال الأسرة بالسعي وراء الكسب المادي أو المشاحنات الأسرية وبالتالي لا تتوفر للفتاة وسائل الإشباع العاطفي والنفسي والعقلي فتكون مضطربة نفسياً وتعاني الحرمان العاطفي وهنا تلجأ إلي العنف لتحقيق الأمان الذاتي والإشباع النفسي المفقود لديها وهذا السلوك العدواني يستوجب منها الظهور بمظهر ذكوري وبالتالي تتحول إلي رجل بمقومات النساء البيولوجية بدون أن تشعر أو ما يطلق عليه مجازاً "المرأة المسترجلة".
وتشير إلي أن هناك أسباباً أخري تتعلق بالمجتمع حيث إن السائد في المجتمعات العربية إعلاء قيمة الولد علي البنت وتنشئة الفتاة وهي تعلم جيداً أن مجتمعها هو مجتمع ذكوري يفضل الذكر علي الأنثي بما ينطوي علي ذلك من حقوق زائدة للذكر يقابله تمييز ضد المرأة وبالتالي أصبحت شخصية الولد هي القدوة لهؤلاء الفتيات التي تنشأن علي التفرقة المبالغ فيها فتحاول الفتاة إثبات وجودها من خلال تلك الشخصية القدوة أي شخصية الذكر وهناك تتحول الفتاة دون أن تشعر إلي ذكر من خلال سعيها إلي المحاكاة الشعورية والعاطفية فتنجرف بذلك سلوكياتها وانفعالاتها إلي الاتجاه الذكوري.
ويتكرر المشهد في إجواء العمل الذي يسيطر عليه الرجال فهي تنكر أنوثتها لأنها تريد إثبات ذاتها وقدراتها فتتنازل عن مظهرها الأنثوي لصالح فائدتها في عملها والتفوق علي زملائها من الرجال.
ولا يختلف الوضع كثيراً في حياتها الزوجية فمن الممكن أن يتحول منزل الزوجية إلي حلبة مصارعة بين أنوثة الزوجة ورجولة الزوج ويصبح بيت الزوجية مكاناً للصراعات والتحديات بين الزوجين.
عوامل وراثية
ويري دكتور علاء مرسي استشاري العلاقات الأسرية والطب النفسي أن هناك ثلاثة عوامل تؤدي إلي استرجال الفتاة أولها الاستعداد الجيني "الوراثة" والثاني "البيئة" وآخرها طريقة التفكير.. فالبيئة تعلم طريقة التفكير والبنت المسترجلة لديها اضطرابات في هذه العوامل وأثناء الحمل يحدث خلل في الهرمونات فينتج عنه زيادة في هرمون الذكورة أكثر من المعدل الطبيعي وأحياناً تناول بعض الأدوية يزيد من هذا الهرمون وفي هذه الحالة يصبح الخلل جينياً وبصورة مرضية فتولد فتاة بها صفات رجولية وهي بذلك تصبح مشكلة ذات بعد طبي.
أما البيئة فتأثيرها مختلف.. فمن الممكن أن تري الفتاة أمها قوية ومسترجلة وفي هذه الحالة من الممكن أن تكره صفات أمها الرجولية أو قد تتصرف مثلها أو أنها تري أمها ضعيفة أمام زوجها ومغلوبة علي أمرها فتحاول في هذه الحالة أن تحمي نفسها لكي تكون عكس أمها فتكون امرأة مسترجلة وخاصة أنها في مجتمع ذكوري تري فيه أن الرجال يتمتعون بامتيازات ولديهم حريات والمجتمع يتجاهل نزواتهم وهفواتهم في حين يضخم هفوات البنت وهنا تبدأ البنت في التفكير كيف تكون مثل الرجل.
ويؤكد دكتور جمال الدين حسين الأستاذ بجامعة الأزهر أن المرأة المسلمة تتميز عن غيرها بصفات وأخلاق تحفظ بها دينها ونفسها منها خلق الحياء وخفض الصوت والقرار في بيتها والتزامها بالحجاب الشرعي فإذا هي فعلت ما أمرت به واجتنبت ما نهيت عنه استحقت من الله تعالي الثواب والأجر العظيم وأدخلها الجنة برحمته قال تعالي: "ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراً" وإن هي خالفت أمره استحقت العقاب قال الله تعالي: "من عمل سيئة فلا يجزي إلا مثلها ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب".
ويحذر من الاتصاف بالرجل فهو خلق تترفع عنه المؤمنة بربها الموقنة بلقائه يوم القيامة.
ويطالب بتربية البنت منذ الصغر علي طاعة الله عز وجل علي العقيدة الصحيحة والتأدب بآداب الشرع المطهر لتنشأ البنت علي الإيمان والأخلاق الفاضلة.
قال رسول الله "من يلي من هذه البنات شيئاً فأحسن إليهن كن له ستراً من النار".
أكد علي أهمية القدوة الحسنة في البيت من الأم عندما تتخلق بالحياء وتتأدب مع الأب في المعاملة ولطف الكلام وخفض الصوت في الكلام والالتزام بالحجاب الشرعي وأن يتسمن صديقاتها بالخلق والحياء.
كذلك اليقين الكامل بحكمة الله تعالي بأن خلق الرجل بصفات وخصائص تؤهله للقيام بها بالأعمال والمهام المطلوبة منه وكذلك المرأة خلقها الله تعالي بصفات وخصائص تختلف عن صفات الرجل لتقوم هي بأعمالها المطالبة بها وأن محاولة المرأة التخلي عن طبيعتها واتصافها بصفات الرجل سيكلفها الكثير من المتاعب والمطالب في الدنيا والآخرة لقوله تعالي: "ولا تتمنوا ما فضل الله بهم بعضكم علي بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليماً".
أيضاً إلزام البنت والمرأة بالحجاب الشرعي وعدم السماح لهن بلبس ما يخالف ذلك.
قلة الحياء.. فالمرأة المسترجلة قد نزعت الحياء من شخصيتها ومن أخلاقها وبذلك أصبحت كالشجرة بلا لحاء مصيرها إلي العطب أو الموت سريعاً.
يقول فضيلة الشيخ فرحات المنجي من علماء الأزهر الشريف إن الإسلام حد حدوداً وقيد قيوداً للمرأة وللرجل فجعل للرجل ما يناسبه وللمرأة ما يناسبها حتي إنها لا تكلف بالعمل الذي يرهقها ويرهق بدنها وقد جعل لذلك أمراً أو مثالاً وهو إذا لم تقدر المرأة علي الإرضاع فقد جعل الشرع نفقة المرضعة وتكون علي عاتق الزوج وجعل للمرأة كياناً محترماً حتي أنه جعل من يتفوه عليها بلفظ خادش حكم عليه بالجلد أي أن المرأة لها كيان يحترم وعمل معين وزي معين لذا فقد قال الرسول صلي الله عليه وسلم "لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال" لأن كلاً منهما قد تعدي حدوده ولبس ثياب غيره أو سار سيرة غيره فالمرأة المترجلة لعنها الله وقال "لعن الله الرجلة من النساء" أي التي تضارع الرجال في كل شيء وللأسف فقد صدرت إلينا قوانين ودساتير يرفضها مجتمعنا الإسلامي مثل المساواة بين الرجل والمرأة ونحن أخذنا كلمة المساواة وأطلقنا لها الحبل علي الغارب واعتقدنا أن المساواة تعني أن تكون نظيرة للرجل في كل شيء حتي أوشكت أن تمحو خانة ذكر أو أنثي من الشهادات الرسمية.
كما أن الأسرة تركت البنت علي حريتها إلي أن أضاعت الحدود وأصبحت تري أن هذا من منطلق الحرية وهو حقاً من حقوقها.
ويري أن مثل هذه النوعية ملعونة وتكون أشد لعنة في مجتمع إسلامي يرفضها ويرفض فعلها ومثلها ما ركعت لله ولا تعرف للخير طريق ولم تمس يدها المصحف فهل يرجي منها خيراً.
ويشير إلي أن الأسرة مسئولة يوم القيامة عما فعلته ابنتها لأن المتبرع يسأل عن جريمة تابعة حتي في الحيوان يسأل صاحب الحيوان عما فعله الحيوان فما بالنا بالإنسان إذا كان إنساناً حقاً.