لكل داء دواء.. ولكل دواء غذاء :
===============
عادة ما ينصح الأطباء بالاهتمام بتناول الوجبات الغذائية مع الدواء لمقاومة المرض وسموم العقاقير الطبية، ومع أن هذه النصيحة مفيدة في بعض الأحيان إلا أنها ضارة في أحيان أخرى، وهو الأمر الذي كشفت عنه مؤخراً أحدث الأبحاث العلمية، فلقد قامت الدوائر الطبية مؤخراً بالبحث في تأثير الطعام على جسم الإنسان خاصة التفاعل الكيميائي بين العقاقير الطبية والطعام، حيث وجد الباحثون أن مثل هذه التفاعلات تظهر بشكل واضح على المرضى ذوي المناعة الضعيفة من كبار وصغار السن خاصة من يكثرون من تناول المضادات الحيوية دون مشورة الطبيب.
ويؤكد الدكتور/ محمد فهمي صديق أستاذ صحة الطعام بمعهد التغذية، أن المشروبات التي تحتوي على مادة الكافيين كالقهوة والشاي والمياه الغازية تتسبب في إضعاف مفعول المخدرات الموضعية والعامة أثناء العمليات الجراحية كما أن مدمني هذه المشروبات يحتاجون لنسب من المخدر أعلى من غيرهم من المرضى، لذا يوصي الأطباء مرضاهم بعدم شرب القهوة قبل إجراء عمليات التخدير الموضعي، وعن تفاعل المضادات الحيوية مع الغذاء وجد أن فيتامين (ج) الموجود في البرتقال يتفاعل مع مضادات حيوية من مجموعة البنسلين، بعض أملاح الكالسيوم والفسفور الموجودة في أنواع الجبن والأسماك تتفاعل مع المضادات الحيوية كالتيترا سيكلين وتبطئ من مفعولها أما بالنسبة للعقاقير التي تعالج ارتفاع الضغط فلقد وصل الباحثون إلى أن البوتاسيوم الموجود بكثرة في الموز يتفاعل مع مثل هذه العقاقير ويضعف من مفعولها، كذلك ينصح الأطباء مرضى الضغط المرتفع عدم شرب عصير عرق السوس لما يتحتويه من مركبات القلويات والتي تتفاعل مع هذه العقاقير.
وفي أحدث الأبحاث أعلن الدكتور جونثان موس الأستاذ بجامعة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية أن الإكثار من البطاطس والبيض يؤدي إلى الإصابة بالخمول وقد فسر ذلك بأن هذه الأطعمة تحتوي على مادة الجليكو الكالويد والتي تحد من إفراز نوع من الإنزيمات يساعد على إضعاف مفعول المخدر في الجسم ونتيجة لذلك يشعر المريض بالإرهاق والرغبة في النوم.
وعن الأطعمة الغنية بفيتامين (هـ) يقول الدكتور فهمي صديق أن من أمثلتها السبانخ وزيوت الزيتون وهذا الفيتامين مضاد للتأكسد ومفيد لتجديد خلايا الجسم إلا أنه يعمل على سرعة تجلط الدم لذا فإن الأطباء يوصون بعدم تناول هذه الأطعمة في حالة تناول عقاقير فيتامين (ك) والتي تعمل على سرعة سيولة الدم، ويتطرق الدكتور صديق إلى الأطعمة الغنية بالكالسيوم كالألبان ومنتجاتها حيث وجد الباحثون أن الكالسيوم يتفاعل مع الدواء ليكون مركبات معقدة صعبة الامتصاص وعلى ذلك فإن الجسم لا يتعرف على الكالسيوم الموجود ولا يستفيد منه، وتشتهر هذه التجربة في عالم الكيمياء عند فصل الكالسيوم عن الأملاح الأخرى وذلك بترسيب الكالسيوم على هيئة مركبات معقدة. وللكالسيوم تفاعل آخر مع بعض الأدوية المستخدمة لعلاج أمراض الإسهال كالملح الإنجليزي أو كبريتات المنجنيز ومثل هذا التفاعل يؤدي إلى عدم استفادة الجسم وعظامه بأملاح الكالسيوم وتفسيره ما هو إلا معادلة كيميائية بسيطة يعرفها كل طلبة المدارس فتبعاً للتسلسل الكهروكيميائي فإن الكالسيوم يسبق المنجنيز في القوة الكهروكيميائية وعلى ذلك تتفاعل أملاح الكالسيوم مع كبريتات المنجنيز لتكون كبريتات الكالسيوم على هيئة راسب لا يمتصها الجسم.
ويعلق الدكتور صديق على مسألة الإكثار من العقاقير وأضرارها على الصحة العامة فيقول إن بعض الزيوت المعدنية والتي تؤخذ كعلاج لحالات الإسهال تعوق من امتصاص الجسم للفيتامينات مثل فيتامين (أ، هـ، د) الموجودة في الأغذية الدهنية. كما أن الاسراف في تناول مضادات الحموضة يؤثر على نسبة الفوسفور في الجسم ويخل من التوازن العام بين الكالسيوم والفسفور مما يؤثر على الجهاز العصبي للجسم.
وينهي الدكتور صديق حديثه بأن هذه التفاعلات تحدث في الجسم البشري ولكن بنسب مختلفة طبقاً للحالة الصحية للمريض وعلى الأطباء وضع النظام الغذائي المناسب لكل مريض طبقاً لسنه ووزنه وحالته الصحية.
(الجريدة الطبية.- الأهرام (