كيف بدأ الشرك في جزيرة العرب؟
وكما أسلفنا فقد نشأت فكرة الأصنام فيهم على أساس أنهم عندما رأوا الملائكة والرسل وعباداللّه الصالحين - لمّا رأوهم أنهم أقرب خلق اللّه إليه وأنهم ظهرت على أيديهم بعض الخوارق والكرامات ظنّوا أن اللّه أعطاهم شيئاً من القدرة والتصرف وأنهم لأجل ذلك ولأجل جاههم عند اللّه يستحقون أن يكونوا وسطاء بين اللّه وبين عباده فلا ينبغي أن يعرض أحد حاجته على اللّه إلآ بواسطة هؤلاء لأنهم يشفعون له عند اللّه وأنّ اللّه لايردّ شفاعتهم لأجل جاههم ..
وكانوا يظنون أنّ ما أحدثه عمرو بن لحيّ إنّما هو بدعة حسنة وليس بتغيير لدين إبراهيم-عليه السلام –
أما عمرو هذا فقد جاء الحديث فيه في الصحيحين : - أنّ النبي صلى اللّه عليه وسلّم قال : ( رأيت عمرو بن عامر بن لحيّ الخزاعي يجرُّ قصبه ( أي أمعاءه ) في النّار ) لأنّه أول من غيّر دين إبراهيم –عليه السلام-
وكانوا يصدقون الكهنة –الّذين يدعّون علم الغيب بمساعدة الجنّ أو غيرهم...ويصدقون أخبار المنجمين ومنها إيمانهم بالأنواء فكانوا يقولون مُطّرنا بنوء كذا وكذا ، وكانت فيهم الطيرة (التشاؤم ) وغيرها من العقائد الضالّة .
كان أهل الجاهلية على ذلك وفيهم بقايا من دين إبراهيم- عليه السلام – لم يكونوا قد تركوه كله-مثل تعظيم البيت والطواف به والحج والعمرة والوقوف بعرفة والمزدلفة وإهداء البدن –وإنّما كانوا قد ابتدعوافي ذلك بدعاً .
والناظر إلى حال المسلمين اليوم يرى أنّ كل هذه العقائد الجاهلية الضالة قد عادت من جديد وصدق النبي صلى اللّه عليه وسلّم عندما أخبر بذلك فقال : ( ...ولا تقوم السّاعة حتى يلحق حيُّ من أمتي بالمشركين وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان . )
ولذا على المسلمين اليوم أولاً : - معرفة الجاهلية الأولى لإجتنابها كما قال الشاعر : -
عرفت الشّر لاللشّر لكن لتوقيه ومن لا يعرف الشّر من النّاس يقع فيه
ثانياً : - معرفة معنى لا إله إلآ اللّه قال تعالى : ( فأعلم أنّه لا إله إلآ اللّه وأستغفر لذنبك وللمؤمنين...)
ثالثاً : - لا بد عند الشهادة من العلم قال تعالى: ( ...إلآ من شهد بالحق وهم يعلمون )
رابعاً : - لا بد من العمل بها والبراءة ممّا يُعبد من دون اللّه --
قال اللّه تعالى : ( وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني برآء ممّا تعبدون إلآ الّذي فطرني فإنّه سيهدين) الآيات.
بعض فضائل التوحيد : - هذه بعض الأدلة على فضل التوحيد لمن حققه: - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم عن أنس رضي اللّه عنه قال : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم يقول : قال اللّه تعالى يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً للقيتك بقرابها مغفرة )رواه الترمذي وحسّنه.
كان النبي صلى اللّه عليه وسلّم ومعاذ رديفه علي الرحل فقال : يا معاذ قال لبيك وسعديك قال : ما من عبد يشهد أن لا إله اللّه وأن محمداً رسول اللّه إلآ حرمه اللّه على النّار) قال يا رسول اللّه ألا أخبر النّاس فيستبشروا قال إذاً يتكلوا . فأخبر بها معاذ عند موته تأثماً أخرجاه عن أنس.
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم : ( من شهد أن لا إله إلآاللّه وأنّ محمداً عبده ورسوله حرم اللّه عليه النّار) عن عبادة . قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم في حديث عتبان : (فإنّ اللّه حرّم على النّار من قال لا إله إلآ اللّه يبتغي بذلك وجه اللّه) رواه الشيخان البخاري ومسلم .
ووردت أحاديث أخرى تبشر من أتى بالشهادتين بالجنّة وليس فيها أنهّ يحرم على النّارمنها حديث أبي هريرة :أنهم كانوا مع النبي صلى اللّه عليه وسلّم في غزوة تبوك وفيه: فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم : أشهدأن لا إله إلآ اللّه وأني رسول اللّه لا يلقى اللّه عبد بهما غير شاك فيهما فيحجب عن الجنّة ) رواه مسلم. وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم : (ما من عبد قال لا إله إلآ اللّه ثم مات إلآ دخل الجنّة ) في الصحيحين عن أبي ذر وورد في حديث الشفاعة الطويل أن أبو هريرة قال للنبي صلى اللّه عليه وسلّم من أسعد النّاس بشفاعتك قال: (من قال لا إله إلآ اللّه خالصاً من قلبه). وقال : ( من كان آخر كلامه لا إله إلآ اللّه دخل الجنّة).............
وأحسن ما قيل في الجمع بين هذه الأحاديث ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره أن هذه الأحاديث جاءت فيمن قالها ومات عليها وجاءت مقيدة ب (وقالها خالصاً من قلبه ) و(مستيقناً بها قلبه) (غير شاك فيها ) أمّا من كان غير ذلك فيخشى أن يفتن عنها عند الموت وهذا مشاهد كثيراً ولأنه تواترت الأخبار بأنه يخرج من النّار من قال لاإله إلآ الله وكان في قلبه من الإيمان ما يزن شعيرة وما يزن خردلة وما يزن ذرة وتواترت بأن كثيراً ممن يقول لا إله إلآ اللّه يدخل النّارثم يخرج منها ،وتواترت الأحاديث بأن اللّه حرّم على النّار أن تأكل أثر السجود وهؤلاء كانوا يصلون ويسجدون للّه .
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم : (خير الدعاء يوم عرفة وخير ما ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلآ اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) رواه أحمد والترمذي عن عبد اللّه بن عمرو. وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم : ( يصاح برجل من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة فُينشر له تسعة وتسعون سجلاً كل سجل منها مد البصر ثم يقال أ تنكر شيئاً من هذا فيقول لا يا رب فيقال ألك عذر أوحسنة فيهاب الرجل فيقول : لايا رب فيقال بلى إنّ لك عندنا حسنات وأنه لا ظلم عليك فيخرج له بطاقة فيها أشهد لا إله إلآ اللّه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات ؟ فيقال إنك لا تظلم فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت الصحائف وثقلت البطاقة.) حسن و صحيح على الشرط. .
قال تعالى : الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) الظلم :الشرك. ..........
كتبته بعون اللّه في رجب 1426 ...
المصادر : - تفسير ابن كثير والقرطبي و الرحيق المختوم في السيرة للمباركفوري - مع رسائل العقيدة لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب و الشيخ عبد العزيز بن باز رحمهم اللّه جميعاً.