الذي يتأمل أحوال كثير من الناس في هذا الزمان يرى العجب العجاب وكأنهم لم يخلقوا للعبادة , وإنما خلقوا للدنيا وشهواتها , فإنهم إن فكَّروا فللدنيا وإن أحبوا فللدنيا وإن عملوا فللدنيا , فيها يتخاصمون وبسببها يتركون كثيراً من أوامر ربهم ، قال تعالى : { ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } الحجر
وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه : ( أخوف ما أخاف عليكم اِتباع الهوى وطول الأمل , فأما اِتباع الهوى فإنه يصدُّ عن الحق , وأما طول الأمل فإنه ينسي الآخرة .
وكان يقول : ارتحلت الدنيا مدبرة ، وارتحلت الآخرة مقبلة ، ولكل واحدة منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإن اليوم عملٌ ولا حساب ، وغداً حسابٌ ولا عمل .
ويقول ابن القيم رحمه الله : ما مضى من الدنيا أحلام , وما بقي منها أماني والوقت ضائع بينهما .
أسأل الله جلا وعلا أن يجعل الدنيا في أيدينا وألا يجعلها في قلوبنا ، وأن يرزقنا وإياكم الحرص للتزود للدار الآخرة ..